“القدس العربي”: يرى خبراء ومختصون في الشأن الإسرائيلي أن العملية العسكرية الإسرائيلية على مدينة جنين ومخيمها ستفشل ولن تحقق أهدافها، في ظل إصرار المقاومين على التصدي بكل ما لديهم من أدوات لمنع كسر إرادة المقاومة، وذلك بعد التطور اللافت والكبير مؤخراً لأداء فصائل المقاومة المختلفة في مدينة جنين وضواحيها، وما شكلته العمليات الأخيرة من ضربات موجعة في صفوف الجيش.
ويشن الجيش الإسرائيلي منذ فجر الاثنين عملية عسكرية واسعة مدعومة بدبابات وجرافات وطائرات مختلفة على مدينة جنين ومخيمها شمال الضفة الغربية، وذلك في إطار عملية عسكرية واسعة هي الأعنف منذ بدء الانتفاضة الثانية، وذلك بعد سلسلة من التهديدات الإسرائيلية بشن عملية قاسية رداً على تصاعد هجمات المقاومة ضد الجنود الإسرائيليين.
وأعلن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أن الجيش يقوم بعملية واسعة داخل مخيم جنين بمشاركة قوات كبيرة للقضاء على “بؤر الإرهاب”، لكن الجيش يواجه صعوبة بعد أن تفاجأ باشتداد القتال مع المسلحين المتحصنين داخل المخيم، مع احتمالية لتوسيع موجة القتال مع مناطق أوسع، خاصة في ظل إصرار الجيش على المواصلة في العملية حتى تحقيق أهدافها.
ويفرض الجيش حصاراً خانقاً على مدينة جنين وضواحيها، بعد إغلاق كافة منافذ المدينة ومنع سيارات الإسعاف نقل الأعداد الكبيرة من الإصابات في صفوف المدنيين من داخل الأحياء، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أعداد الشهداء الذين فارقوا الحياة من جراء تركهم ينزفون حتى الموت، في جريمة ضد الإنسانية بالتزامن مع الصمت الدولي للجرائم المتواصلة بحق الفلسطينيين في جنين.
المختص في الشأن الإسرائيلي جهاد ملكة يقول إن إسرائيل تسعى من خلال العملية العسكرية المستمرة، إلى القضاء على كافة عناصر المقاومة في مخيم جنين ومناطق أخرى من شمال الضفة الغربية، وضبط الأسلحة وكشف أماكن تصنيع المتفجرات واستهداف المسلحين الفلسطينيين، حيث أحدثت العملية منذ ساعاتها الأولى دماراً كبيراً بعد قصف عدد من المنازل والممتلكات بالطائرات، وحرق العديد من السيارات وتخريب البنية التحتية في المخيم، وسط تصدي فصائل المقاومة للعملية بشكل عنيف.
وأوضح لـ”القدس العربي“: إسرائيل باتت منزعجة خلال الفترة القليلة الماضية بعد أن فاجأت فصائل المقاومة مؤخراً في مناطق شمال الضفة وبالتحديد نابلس وجنين الجيش الإسرائيلي بتسريع وتطور العمل المقاوم، إذ هزت العمليات الأخيرة المنظومة العسكرية في إسرائيل، بعد استهداف مدرعات وطائرات مروحية بصواريخ تطلق لأول مرة، وهذا دفع بالجيش إلى انتظار قرارات المستوى السياسي لبدء عملية عسكرية واسعة في جنين، بسبب تزايد وتيرة العمليات الفدائية ضد الإسرائيليين.
وأشار إلى أن العملية العسكرية الإسرائيلية على جنين لن تحقق أهدافها، بسبب التطور اللافت لأداء المقاومة وتصاعد الدعوات للخروج وقتل الإسرائيليين في كافة أماكن تواجدهم، وهذا سيدفع إسرائيل باحتمال كبير إلى التراجع عن العملية، خشية من توريط نفسها في معركة واسعة على جبهات عديدة وبالتحديد جبهة غزة، التي تواصل التهديد بالدخول في حال استمرار العملية العسكرية على جنين.
ولفت إلى أن توقيت العملية يؤكد على همجية العدو الإسرائيلي والإرباك الذي يسيطر عليه، ومحاولة نتنياهو ترميم صورته أمام الرأي العام الإسرائيلي، وذلك عبر تدميره للبيوت والشوارع والممتلكات والبنية التحتية، في ظل صعوبة الوصول إلى نقاط تواجد عناصر المقاومة.
وتابع: وفق التقارير الصادرة من داخل جنين، الجيش يواجه صعوبة كبيرة في التقدم بالرغم من كمية العتاد والقوات الهائلة المشاركة في العملية، وهذا يعزز احتمالية فشل العملية خشية من تكرار السيناريوهات السابقة من الكمائن التي تعرض لها الجيش، وقتل خلالها العشرات من جنوده عندما أوقع المقاومون في جنين الجنود في كمائن محكمة خلال اقتحام أحياء المدينة مطلع الانتفاضة الثانية.
بدوره يؤكد المختص في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور أن العملية كانت متوقعة بعد التطور المفاجئ من قبل المقاومة في مخيم جنين، بعد إطلاق صواريخ تجاه المستوطنات الإسرائيلية وتفجير عبوات شديدة الانفجار بمركبات ومدرعات إسرائيلية خلال محاولتها دخول المخيم، وهذا عزز من ضرورة شن العملية من قبل الأوساط السياسية والعسكرية، ولكن هذا التنامي وتطور الوسائل واستمرارها طوال هذه الفترة، سيعيق إمكانية نجاح العملية العسكرية الإسرائيلية في ثني قدرات المقاومة والاستمرار في تطوير القدرات.
وأوضح لـ”القدس العربي” أنّ “العملية العسكرية جاءت بمباركة من الولايات المتحدة وأطراف دولية، وهذا ما يدفع إسرائيل إلى فرض حصار مشدد ضد المدنيين وارتكاب جرائم ضد السكان، خاصة مع منع سيارات الإسعاف منذ صباح اليوم من الدخول للمدينة ونقل المصابين وخاصة الخطيرة منها وذلك للضغط على السكان ومحاولة كسر إرادة المقاومة لكن ذلك لن يتحقق”.
ولم يستعبد أن تقدم إسرائيل على ارتكاب مجازر خلال الساعات أو الأيام المقبلة بحق سكان المدينة، وهذا سيدفع فصائل المقاومة في غزة للدخول على خط المواجهة، في ظل اشتداد حدة التهديدات وإرسال فصائل المقاومة منذ الصباح رسائل عبر الوسطاء، بضرورة إنهاء إسرائيل العملية العسكرية على مدينة جنين، وإلا الدخول في المواجهة لتخفيف الضغط الذي تتعرض له المدينة ومخيمها.