دُفن قائد مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين الذي قتل في تحطّم طائرة بعد شهرين على تمرّده القصير الأمد على القيادة العسكرية الروسية، الثلاثاء في مراسم مغلقة أقيمت في مدينته سان بطرسبرغ.
ويُعتقد أن بريغوجين دُفن في مقبرة بوروخوفسكوي وسط حراسة أمنية مشدّدة بعدما أعلنت مجموعته إقامة مراسم خاصة "مغلقة" لوداعه.
وتم تطويق المقبرة وفرضت قيود على دخولها، لكن مصور وكالة فرانس برس شاهد الجزء الخلفي مما بدا انه قبر بريغوجين الذي وضع عليه صليب خشبي.
وقالت خدمة العلاقات العامة التابعة لبريغوجين في بيان "أقيمت مراسم وداع يفغيني فيكتوروفيتش بشكل مغلق. ويمكن للراغبين في وداعه التوجّه إلى مقبرة بوروخوفسكوي" الواقعة في الضواحي الشمالية الشرقية لسان بطرسبرغ.
واعتبر مسؤولون أوكرانيون أن السرية التي أحيطت بها مراسم الدفن تشير إلى تخوّف الكرملين من احتجاجات محتملة.
واعتبر ميخايلو بودولياك، المستشار السياسي للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في منشور على تطبيق تلغرام ان السرية التي أحيط بها دفن القائد السابق لفاغنر تعكس "الخوف الحقيقي" الذي يعيشه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ويبدو أن الجنازة أسدلت الستار على فصل استثنائي في التاريخ الروسي المعاصر الذي شهد قيادة بريغوجين هجمات روسيا في مدن وبلدات في الشرق الأوكراني قبل تمرّده على القيادة في موسكو.
- "محاطة بالسرية" -
وكتبت المحللة السياسة تاتيانا ستانوفايا أن "دفن بريغوجين هو التتويج لعملية سرية كانت ترمي لتصفيته".
وشدّدت على أن "العملية بكاملها تم تنفيذها تحت رقابة صارمة من الأجهزة الأمنية، وأحطيت بالسرية وتخلّلتها تكتيكات مخادعة".
وأعلنت السلطات أن بريغوجين قتل الأسبوع الماضي في تحطّم طائرة خاصة ومعه تسعة أشخاص.
وجاء تحطّم الطائرة في منطقة تفير بعد شهرين على إصداره أوامر لقواته بالإطاحة بالقيادة العسكرية الروسية.
وقال محلّلون عسكريون كثر إن طائرة بريغوجين أسقطت عمدا ولم تتحطّم بحادث، وتحدّث بعضهم عن إمكان أن تكون أصيبت بصاروخ فيما تحدّث آخرون عن إمكان انفجار قنبلة كانت قد زرعت فيها.
ورفض الكرملين التكهّنات بأنه دبّر حادثة تحطم الطائرة رداً على تحرّك فاغنر باتّجاه موسكو في حزيران/يونيو.
لكن محلّلين سياسيين أشاروا إلى أنه مع قرب موعد الانتخابات الرئاسية الروسية المقررة في العام المقبل، تحوّل بريغوجين إلى عبء على الكرملين.
وفتحت السلطات الروسية تحقيقاً في انتهاكات محتملة لقواعد الملاحة البحرية بعد تحطّم الطائرة لكنّها لم تكشف أيّ تفاصيل عن أسبابه المحتملة.
- تساؤلات -
والأسبوع الماضي، أفاد بوتين الذي اتّهم بريغوجين بالخيانة بأنه عرف المدان السابق منذ مطلع تسعينات القرن الماضي، واصفا إياه بأنه رجل ارتكب أخطاء ولكنه "حقق نتائج".
لكنّ تصريحات بوتين لم تسهم كثيرا في وضع حدّ للتساؤلات المتزايدة حيال ظروف مقتل بريغوجين، الذي أقيمت أضرحة مؤقتة له في مختلف المدن الروسية.
وذكر الكرملين في وقت سابق الثلاثاء أنّ بوتين لن يحضر جنازة بريغوجين.
وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين إنّ "حضور الرئيس غير متوقع".
وتولّت فاغنر دورا رائدا في هجوم بوتين في أوكرانيا، إذ كُلّفت الأنشطة الأكثر خطورة في الخطوط الأمامية، بينما بدا الجيش النظامي في وضع صعب متكبّداً ما وصفتها مصادر غربية بالخسائر الفادحة.
وبخلاف الجنرالات الروس الذين اتُّهموا بالتملّص من المعارك، وقف بريغوجين مراراً لالتقاط صور له إلى جانب عناصر المرتزقة في ما يُعتقد أنّها الخطوط الأمامية.
وسُمح لبريغوجين بتجنيد عناصر جدد علناً من السجون الروسية.
ووُصف بريغوجين، وهو من خلفية متواضعة بات لاحقاً أحد المقرّبين من بوتين، بأنّه ملياردير يملك ثروة طائلة بفضل عقود رسمية، رغم أنّ قيمتها ما زالت غير معروفة.