لطيفة الفقيه
الزيف والرهان الخاسر .. ؟!
الاثنين 23 سبتمبر 2019 الساعة 18:16
تعرفت على صديق منذ فترة طويلة ، كنت إن احتجت شيئآ أطلبه لا أتذكر يومآ انه تركني بموقف أو تخلى عني للحظة، رغم كثرة طلباتي وحاجتي المتكررة إليه ، لم يرتد لي طلب منذ أن رافقته،كان منقذي في الكثير من المواقف ومؤنسي في الأيام الموحشة،حزام ظهري والكتف الذي أسند عليه رأسي كلما غفوت، كان يفزع لي إن شعر بحاجتي إليه ،لم يكن شخصآ عاديآ .. كان أخآ مثاليآ، شهمآ ونبيلا بكل ماتعنيه الكلمة من معنى...
ذات يوم مر بمشكلة كبيرة أفقدته كل ما يملك،لم يعد بحوزته شيئآ ،فقد وظيفته وأخذ منه منزله وسيارته، وتراكمت ديونه، أصبح حاله أسوأ بكثير من حالي .
في إحدى الليالي مررت بضايقه مالية، أردت الاتصال به كالعادة ؛ لكن هذه المرة نسيت أو ربما تناسيت ؛ لكني اعتدت أن أحادثه كلما أشتدت حاجتي إليه .. رن جواله أجابني :... كانت بحة صوته مليئة بالعتاب؛ لكنه فضل الصمت للحظات، كان يلملم شتات روحه،ويرتب أنفاسه، وحتى تضارب دقاته كي لا ألحظ ما اقترفت بحقه..؟! حدثت نفسي : ما الذي أفعله.؟ ماذا أريد منه بعد ان تركته في أشد حاجته لي ..؟ لم يعد يملك شيئآ .. تظاهرت بأني أريد الإطمئنان على حاله ؛ لكنه فهم ما أقصده ..؟! أردت أن أنهي مكالمتي معه على الفور؛ لكنه سبقني بالقول : لماذا ابتعدت يا أخي، يامن أسميتك عزوتي وقبيلتي ،سندي ،ومؤنسي ..؟! ما الذي اقترفته بحقك حتى تتخلى عني .؟ هل لأني أصبحت في العراء .؟ أم بت لا أجدي نفعا .؟ هل ذهبت أخوتنا بعدما ساء حالي وذهب مالي .؟ أم لم أعد أفزع لك ككل مرة تطلبني ولا أرد لك حاجة .. هذه المرة " أعذرني " لا أستطيع أن ألبي رغباتك لم أعد أملك شيئآ وليتني أملك لأبقيك بجانبي رغم غبائي بك كل تلك السنوات..
منذ معرفتك ياصديقي بما حدث لي وأنت لم تأتي إلي ،لم تعد تحادثني،تهربت كثيرآ مني، وأنا الذي لم أتركك لحظة أو أتخلى عنك بموقف، كنت معك في كل ما مررت به في حزنك وفرحك.. ما الذي حدث لك .؟ كنت أظن بانك أول المواسين لضائقتي.! لم أكن بحاجة لمال أو مساعدة " تعرفني جيدآ ".. أردت أن تربت على كتفي، أن تخبرني بأنك معي ، أن تهمس على مسامعي لن أخون ثقتك بي لن أكسرك أو أخذلك .. أنت لم تخطئ في صداقتي، ولن أجعلك تندم لمعرفتي .. تمنيت كل ذلك ولكني انصدمت بعدها ..؟!
كم هي موجعة " ياهذا" مواقفك معي في شدتي، إن رأيتني في مكان فزعت لرؤيتي، لم تكن هي عادتك عندما كنت ميسورا الحال ،عندما كنت أملك ما يبقيك بقربي..! لقد طفت ابتسامتك عند مقابلتي ؛ وكأني أضعت مالك وأفقدتك فرحتك .. أتذكر يارفيق المال كم مرة علمت بأني أقصد هذا الطريق فغيرت وجهتك كي لا تراني أو تلمح ملامحي ..؟! كم مرة قصدت تلك الأماكن التي جمعتنا كثيرآ وكلما علمت بوجودي تنسحب منه بخطوات متثاقلة كي لا أراك ...
شاب شعري ياصديق الحاجة وأصبحت ملامحي شاحبه وقواي متهالكة،ليس لأني فقدت كل ما أملك ؛ لكنها الصدمة التي تلقيتها منك كانت موجعة حد الموت، نعم لقد صدمت بك لم أكن أتوقع بأني سأفقدك عند أول لحظة أختبار .. أجل أختبار .. أتعلم " يازيف "لقد راهني أحد الأشخاص عليك فربح الرهان وخسرت أنا الثقه التي منحتك إياها ."
هل تريد أن تعلم ما حدث ..؟!
تمهل قليلآ وأنصت لي جيدآ -- :
" يومآ تصادمنا بالحديث عنك فأقسم لي أني بالنسبة لك صديق المصلحة ، وأنك لا تراني إلا لحاجة،ولا تطلبني إلا لضائقة ، حينها دافعت عنك ورفعت صوتي عليه كي لا يوجعك في غيابك، وأغلقت أذناي عن سماع كلمة تسيء لك، كنت واثقآ بك ثقة عمياء حتى عميت بك ...؟!
بعدها راهني على وفائك وصدق أخوتك ؛ فقبلت الرهان، لقد وضعك باختبار وقبلها وضعني انا في امتحان، لقد نسج لي قصة أخبرك بها؛ كي اكتشف بعدها حقيقتك،إما يخسر هو الرهان واكسبك،أو يربحه وأخسرك..
أتعلم ما رهانه ...؟
لقد راهني إن كسب " خداعك لي " أن يأخذ كل ما أملك ،وإن خسر أكون عندها قد كسبت أخوتك وصداقتك كل العمر وحفظت مالي وكنت انت عند ثقتي ؛ قبلت لقد ضحكت حينها ؛ لكني كنت واثقآ ..صديقي لايخون .؟!
بدأنا الرهان لا أخفيك لقد خفت وارتعبت حينها ،لا أعلم لما كل ذاك الشعور روادني تجاهك...؟!.
بدأنا بأولى خطوات الإختبار ..
في أحد الأيام اتصلت بك وتظاهرت بحاجتي لك وبأني في مأزق ولا أعرف كيف أتصرف.؟ لا أنكر بأنك حينها أتيت وكانت تلك فرحتي " صديقي يفزع لي " بعدها أخبرتك بالمشكلة، وماحدث لي وبأني دخلت في مناقصة تجارية وخسرت كل ما أملك،بعت كل ما بحوزتي، منزلي وسيارتي، واقترضت مبلغآ كبيرآ من البنك ،وتراكمت ديوني ولم يعد لي شيئآ .. كنت تستمع إلي مصدومآ لم تحاول تهدأتي، كنت أنت المنفعل،وأنا المنذهل من فعلك، أوهمت نفسي لعله خايفآ أو حزينآ لما حدث لي ..؟! كنت تصرخ بأعلى صوتك : ماذا فعلت ياغبي .. أنت فاشل .. لقد أضعت كل شي ..؟
أمسكت بي بقوة ودفعتني إلى الأرض بقسوة ،ونعتني بأبشع الألفاظ، لمتني كثيرآ ولكني ورغم سقوطي، لازلت غبيآ بحسن ظني بك ،ظننت بانك مقهورآ علي ومتاسفآ لأجلي،لم أكن أعلم بأنك فقدت مصدر رزقك وحاجتك مني...؟! لم أكن أعلم بأن مالي هو من يربطك بي، وبأن ما أملكه هو حبل العلاقة التي تشدك إلي،لم أستوعب هذا إلا عندما ذهبت وتركتني أقاسي ماحدث بمفردي،رغم أن ذلك كان اختبارآ ؛ كنت أجربك وقتها لكني كنت أعاني ابتعادك وتخليك عني في أشد ظروفي.
أيعقل أن هذا هو الصديق المزيف الذي اتخذته أخآ وقريبآ وضحيت بالكثير لأجله ،أيعقل أني كنت مخدوعآ به كل تلك السنوات .. أيعقل أن يفعل بي كل هذا ..؟!
...............
اغلقت جوالك عني عندما أرسلت بأني بحاجتك،لم ترد على اتصلاتي المتوالية ،ولم أراك بعدها ،مثلت كثيرآ عليك ؛؛ لكني كنت حزينآ لأني في كل مرة اختبرك فيها أفشل في الرهان .. وأكتشفك أكثر ..!
تأكدت مرارآ من ثقة ذلك الشخص ومعرفته بخداعك لي أكثر مني...؟!
ضللت أسبوعآ واحدآ (مدة الرهان) وأنا أتقمص دور الممثل الذي يبحث عن الحقيقة في كل أدواره .. اختبرتك في كل شي كانت كافية لأعرف من كان بقربي،رغم إني تأخرت كثيرآ في معرفة حقيقتك وزيف صداقتك وكذبك ؛ أسبوعآ واحدآ سقطت وسقط قناعك المخفي عني ؛ لم تكن اخآ يومآ أو حتى صديقآ وفيا،كنت أخ المصلحة والحاجة، لقد انتهت حاجتك مني فانتهت صداقتك بي،خدعتني كثيرآ وخنت ثقتي ..
لقد عشت دورآ لم أكن أرغب في تقمصه ولكني قبلته ؛ لأتأكد من سذاجتي ،انتهى دوري فيه وانتهى دورك في حياتي ،لكنك كنت أنت البطل نعم البطل الذي مارس الخبث عليا مرارآ .. البطل الذي دس الخنجر بظهري ونسى أن ينتزعه خشية ألا يتسخ..؟!
لست حزينآ لأني خسرت الرهان ؛؛ أطمئن فأنا لم أخسر شيئآ ؛؛ الشخص الذي راهنني عليك لم يقبله ،لقد همس على مسامعي" أن ذلك درسآ لي لأصحو منك،و لأفيق من كذبك ؛؛ أعلم بأنك تفاجأت وربما تمنيت لو أنك أكملت خداعي ووقفت نفاقآ معي لتحضى بما شئت..؟!
يااااه" كم كنت غبيآ وانا أراهن غريبآ عنك؛ فكسب وخسرتك ..؟!
كم كنت غبيآ عندما قربتك أكثر مني ،واعطيتك حجمآ أكبر منك،واسكنتك حنايا القلب ؛ فأوجعته وتركت به علامة لا يمحيها الزمن .
أيها الزيف ،الخائن " لست شاكرآ لك ولست آسفآ لخسارتك ولكني شديد الإعتذار لنفسي،للوقت الذي أهدرته عبثآ في الحفاظ عليك ..
ممتنآ شديد الإمتنان للرهان الخاسر الذي جعلني أكتشفك،ولذلك الشخص الذي علمني منك درسآ لن أنساه .
#لطيفة_الفقيه