بخطىً وئيدةٍ وحكيمةٍ يتخطى فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي حقلَ الألغام الذي ألقي فيه فجأة، محاولا انتزاع صواعق الخطر المزروعة فيه منذ عقود من الزمن: صواعق الحوثي بما خلفه من كوارث مروعة منذ انقلابه على الدولة، وركامات نظام هادي وفريق حكمه الخاص الذي أثقل الشرعية بحساباته الضيقة والخاصة، إضافة إلى حرائق يتم إشعالها في الطريق بين الحين والحين من قبل رفاق القضية الواحدة..!
يا لأشقى منصب، في أشقى ظرف زمني، نصفه مغرم، والنصف الآخر مغرم أيضا...!
يعمل الرئيس العليمي بمعدل 16 ساعة عمل يوميا، متنقلا بين ذلك الحقل الملغوم بصمت الحكماء، وبلا ضجيج، وبلا جوقات إعلامية: الملفات الخارجية، الشؤون العسكرية والأمنية، القطاع الدبلوماسي، الحكومة، المحافظات، التقارير اليومية، ومع هذا يبتسم بهدوء إذا ما رأى بعض المنشورات التي تنتقده أو تنال منه، قائلا: دعوهم.
في المشهد الأخير، وبعد طول صبر ومداراة، وبعد أن أغلق البعضُ هواتفهم أو غادروا مكاتبهم، متنصلين من المسؤولية وضع الحقيقة على طاولة الأشقاء والأصدقاء، ولسان حاله: طفح الكيل، لم يعد الشعب يتحمل أكثر مما تحمل.
قالها بوضوح: لن نسمح بتقويضِ المركز القانوني للدولة.
يعي أستاذ القانون والأكاديمي المرموق، المُثقل بخبرة نصف قرن في السياسة والثقافة والفكر معنى المركز القانوني للدولة؛ لهذا كانت وقفته الجادة والحازمة أمام الأشقاء والأصدقاء حين بلغ عبث "صبية السياسة" بالدولة منتهاه، واضعًا إياهم أمام مسؤوليتهم تجاه شعب يحتضر. وبحسب الزميل نجيب غلاب: "خرج الرئيس بما لديه وتحدث مع كل اليمنيين والعرب والعالم بالصدق، ومن خبرة".
لقد ظل خلال الفترة السّابقة أشبه بالأستاذ والمحاضر أحيانا لرفاقه في المجلس، يعلمهم مبادئ العمل السياسي، فأبى بعضهم إلا أن يكونَ مخلصًا لشقائه الطفولي العابث بكل شيء من حوله، يتعاطى مع الدولة بعقلية قروي فرّ من شقاء المحراث، ليجد نفسه فجأة متصدرًا الرأي العام، يأمر وينهى، في وقتٍ لا يجيدُ فيه ألف باء الأوامر والنواهي..!
أؤكد هنا، لا خوف على الدولة، ما دام على رأسها شخصيّة وطنية ذات رصيد تاريخي محترم، تعي تماما فلسفة الحكم وطبيعة الإدارة، يحتاج خلال المرحلة القادمة أن يرفع صوته وسوطه قليلا أمام العابثين بمقدرات الوطن، وقد صبر عليهم طويلا.
نعم، الصّوت والسّوط سياسة المرحلة القادمة مع أناسٍ لا يفهمون لا بالتلميح ولا بالتصريح، كون الرجل يملك ما لا يملك مجلسه الموقر: القرار، وحق إصداره الأخير، وحق التوقيع، وحق إعلان التعبئة، وحق إطلاق نفير الحرب، وحق توقيع السلام، بحسب الزميل سام الغباري، وإن غدًا لناظره قريب.