إسماعيل الفائق
صلاة العبور ..؟!
الثلاثاء 12 مايو 2020 الساعة 05:45


صلاة العبور.
(1)
على موجٍ كالجِبال تَنْحَدِرُ الكثير من الأُمنيات ، وتَخِرُّ صريعةً بعد أنِ إنكسَر عُكَازُ بزوغِها ذاتَ مساء والكلُّ نيام ، تلك الأمنيات الغائرة احتضنتها بحنانٍ ودفْء صلاةً وحيدة هي صلاةُ العبور.
صلاةٌ إرتَقَتِ الحُبّ لتكون مسولاً يبشر الثقافة بدينِ الفن ، صلاٌة تقِفُ على أعتابِ ازقَّتِها مشاعر وطن ، وقفتْ على كل المنابِرِ بجُملةٍ.. جواهريةِ البزوغ وحبوبية القلوب ، ولا زالت تنبِضُ شِعراَ في كل متنبي ، كانت ولا تزال إيمانيةُ النبض ، علميةُ الفرض ، إنقاذيةُ الموقف الذي لا يُشَظْ ، المهم أنها إيمانيةٌ علميةٌ تفاؤليةٌ انقاذيةُ النخاع.
(2)
سادتي:
ونحن نقف على أعتاب الف مصيبةٍ ومصيبةْ ، وفي رَحِمِآآ  كل مصيبة يوجدُ الف جنينٍ من الآلام والآهات والآنّات ، تتداعى على أرواحنا المشرئْبَةِ الكثير من عوامل الخفضِ والجزم والسكون ، في حينِ أنّ الرفع مازال ديدنُنا وميدانُنا ومُرامُ ما هفت وتهفوا آليه ارواحنا كل لحظة وفي كلِّ صلاةٍ حتى صلاة العبور.
تلاطمت أمواج الأنين ، وتراقصت حروف الحنين ، وتلاشت أحلام السنين ، وبين أنَّةٍ وأنَّةٍ ترتَسِمُ لوحةً لأمواجٍ من الصبر العاتية ، في صلبِ الحنين وبين النونِ والياء وكسرة القلب التابعةِ لها تتجلى بوضوحٍ منقطِعِ النظير أحرُفَ استقرائيةٍ لتفَانٍ حلّ فينا بلا رحيل ، واستوطن افئدتنا بلا عبور ، وعلى أعتاب السنين اللامؤنسة الموحِشَة تلاشت كلُّ صلاةٍ غيرَ صلاة العبور.
(3)
بيد أن هناك ما يُثقِلِ الكاهل ، ويكسر الخاطر ، ويُدمي المُقَل ، وينسف ما تواترت به طبائع المجتمع وعاداته ، أضحَتِ الفضيلة تمشي على استحياء ، والرذيلة تقف شامخةً باعتلاء ، ما كان معروفاً عندنا بات منكرا ، وما كان منكراً أضحى من أسمى المعارف ، إتاواتٌ فُرِضت حتى على الحب ، على السلام ، على الأحلام النرجسية ، نامت عيونٌ عن رؤية رؤياها التي استشرفت بها آفاق مستقبلٍ جميل ، يحذوه الهدوء ولا يشوبه الحقد وتلاطُمِ الأفكار والمعتقدات ، وتقبل الآراء ، أصبح التفكير محرماً والغباء هو العملة المتداولة ، أنْ تَصمُت اليوم هو ما يجب عليك القيام به مقابل أن تتنفس ، أن تخور قِوا تفكيرك ، وأن تخفت اوتار حَدَسِك ، وأن تبيع فراستك وحريتك وأحلامك بثمنٍ بخسٍ دراهم معدودٍة وبزهدٍ وفير ، هو ما رآه اخوتك وبني جلدتك ، وحتى أباك الذي طلب منك أن لا تقصُص رؤياك على مجتمعٍ امتهن تحطيم كل ما يشيرُ إلى الطموح والابداع والرفعة..ونأى عن كل صلاةٍ حتى صلاة العبور .
(4)

"من منكم..!!
يسمعُ النبضة قبلَ البوح..!!
ومن يشعُرُ بالشعور قبل الصوت..!!
من يُدرِكُ مدى التنهيدةِ قبل أن يرى الدمعة..!!
ومن يرى اشتقاق الروحِ في البسمة..!! من يفهمُك..!!آآ 
من يشعرُ بِك حين تضجُّ اُحجيات الروحِ في عمقِ الليالي النائحاتِ على الضلوع..!!
أخبِروا القادمين إلينا غداً بعد الثبورِ أن القلب لا يَجِدُ لهم قِرَىً ولا حُسنَ إستقبال ، وأن كلُّ صلاةٍ لهم مرفوضةٌ عدا صلاة العبور.
(5)
للحالمين..القابضين على جمرِ الطموحِ العنفواني ، الذينآآ  لا يفتأون عن بذل الجهد..بذل الروح..بذل الدم في سبيل الوصول.
الذين يقاومون ترادفات الليل وتناقضات النهار ، الذين يهيمون شوقاً للغدِ الأفضل ، يبذلون بعد الروح الدرهم والدينار والقنطار ، يعكِفون على أحلامٍ لهُم ،آآ  يحيكونها ، يُلبِسونها ثياب الإحرام لتُصبِحَ مقدسة .
سرمديةٌ هي تلك الأحلام ، مكاوِّية ، أُسريَت في ليلٍ خافِت السكون ، وعُرِجَ بها السبع الطباق..نهلَت مِن مَنْهَلِ عذب..وصلّت خمسون صلاةً في يومِها ، وما هدأت..وما أنفَكَّت تُصلّْي وتنوحُ حتى تكون حرضاً أو تَهْلِك..ولا زالت منفيةٌ عن مرابِعِها ، تنتَظِرُ الراحة والسكينة وطمأنينة الروحِ التي لا تجِدُها الأّ في صلاةِ العبور.
(6)
بدايةً ولأنها البدايةُ فما مضى يُنسى..على الرُّغم من تزاحُمِ المصائب والأحداث ، ووجود الكثيرُ مِن الكلمات التي تهتِكُ سِتر الحب ، والحربُ لإجلِ الحب.آآ 
ومع ولوج الكثير من الأحلام والغايات والأُمنيات صوب غاباتٍ سوداوية الموقف والمنظر.. أو ربَّما مِحرَقةً شعواء..ثمَةَ من كِفاحٍ يُحاكي النجم في العليا ، ولا يُحابي على أحلامهِ وغاياته حتى الطير في السماء ، إذ أنَّ خيوط الفجر البيضاء والتي بَدَت تلمعُ في الأفُق قليلاً قليلاً باتت قصةَ أملٍ لا يشوبُها ختام.
روايةُ السجادةِ الحمراء في ثُلُثِ الليلِ الأخير..وصلاةُ العبور المُنقِذة.. روايتان لا حِبرَ لقلمٍ ينزِف..ولم تخطُر سكينتُها على قلبِ بشر.
وأسألوا القائمين عليها...!

"صلاة العبور"
#إسماعيل الفائق⁦...✍️⁩

اقرأ أيضاً