محمد خالد
الشارع يتنفس تحسن العملة والرقابة تفتح الطريق نحو التعافي
الخميس 7 أغسطس 2025 الساعة 22:47

بعد سنوات من الغلاء والتقلبات وانهيارات اقتصادية كانت تُثقل كاهل المواطن اليمني، يبدو أن عجلة التعافي بدأت تدور وإن كان ببطء حذر. ما شهدناه مؤخرًا من تحسن ملحوظ في قيمة الريال اليمني أمام الدولار، لم يكن مجرد رقم على شاشات شركات الصرافة، بل إشارات فعلية انعكست على الأسواق، وعلى معنويات الشارع، وعلى أمل كان يوشك أن ينطفئ.

 

‎هذا التحسن لم يأتِ من فراغ، بل من سلسلة تحركات رسمية مدروسة، عززت من ثقة الناس في إمكانية التغيير. وفي مقدمة هذه الجهود، تبرز خطوات الحكومة بقيادة الدكتور سالم بن بريك، ومحافظ البنك المركزي أحمد غالب المعبقي، اللذين وفّرا نموذجًا لما يمكن أن يصنعه التناغم بين القرار الاقتصادي والرقابة الميدانية.

‎قرارات حازمة أُتخذت، تمثلت في وقف المضاربة، إغلاق منشآت صرافة مخالفة، ومتابعة دقيقة من مكاتب الصناعة والتجارة لضبط أسعار السلع وحماية المستهلك. والأهم أن هذه الإجراءات لم تُنفّذ كرد فعل لحظي لأزمة، بل ضمن مسار إصلاحي واسع بدأ يتشكل بمعالم أوضح.

 

‎لكن ما يلفت النظر بصورة خاصة هو التفاعل الإيجابي للمواطن. فالناس بدأوا يشعرون بأن الحياة تعود تدريجيًا. الأسواق تتحرك، وثمة مؤشرات على هدوء نسبي في الأسعار، والحديث عن “الأمل” لم يعد ترفًا. لا نقول إننا بلغنا مرحلة من الرخاء، لكننا على الأقل عدنا إلى نقطة يمكن البناء عليها.

‎وهنا نرفع صوتنا بشكل مسؤول، مطالبين شركة النفط اليمنية بأن تعكس هذا التعافي في أسعار المشتقات النفطية التي ما تزال مرتفعة، وتشكل عبئًا إضافيًا على تفاصيل حياة المواطنين. تعافي العملة ينبغي أن يُترجم إلى نتائج عملية تلمسها الناس، من وقود إلى كهرباء إلى خدمات يومية. ‎إرادة الناس لا يمكن توقعها أو ضبطها بمقاييس اقتصادية. لكنها تستفيق بقوة حين ترى من يشاركها أعباءها بقرارات وبجهود حقيقية. وهذه النقطة يجب ألّا تغيب عن صناع القرار: لا يكفي أن تتحسن الأرقام، بل لا بد أن يشعر المواطن أن هناك من يسعى فعًلا لتحسين حياته. ‎ ‎لقد علمتنا السنوات الأخيرة أن إعادة البناء أصعب ألف مرة من الهدم. لكنها أيضًا علمتنا أن الإرادة الصادقة قادرة على صنع الفرق. وبينما تسير خطة الإصلاح بخطى ثابتة، ما زال أمامنا الكثير لنحققه، وما زال بإمكاننا، إن توفرت الإرادة، أن نحول هذا التحسّن الجزئي إلى نقلة نوعية، تُخرجنا من عنق الزجاجة نحو أفقٍ أوسع من الأمل والاستقرار.‎

اقرأ أيضاً