بالملاحظة والاستقراء السياسي والتاريخي لا يتوقع اشتباكاً ذا قيمة بين ايران واسرائيل.
لعدة اسباب من ابرزها قدرة الطرفين السياسية على التفاهم عبر التاريخ !
تاريخياً / ينظر اليهود الى الفرس نظرة تبجيل واحترام فهم الذين انقذوهم من السبي البابلي قبل الميلاد.
سياسياً / ليس هناك تعارض مصالح فكلا الطرفين معاد للعرب ويرمى لاضعافهم. ولقد مهدت اسرائيل ومن وراءها الولايات المتحدة كل الطرق للاحتلالات الايرانية للبلدان العربية
.
من المتوقع ان تكون الاشتباكات الرمزية بين المليشيات الايرانية واسرائيل وسيلة ضغط للاعتراف الاسرائيلي والغربي بالنفوذ السياسي والعسكري الايراني في الشرق الاوسط . لكنه نفوذ هش لا يقوم على قواعد حضارية واقتصادية وسياسية متينة.
الطابع الايدلوجي للصراع بما في ذلك البعد الاسلامي لا يمنع ايران من بلوغ اهدافها السياسية بل هو وسيلة لبلوغ هذه الاهداف. ولقد اثبتت طهران انه عندما تتعارض الايدلوجيا مع المصلحة السياسية تتقدم المصالح على العقائد ولعل من ابرز الامثلة على ذلك هو التعاون الايراني الامريكي في غزو كل من افغانستان والعراق عامي 2001 و 2003 م . وصفقة ايران / كونترا التي امدت فيها (تل ابيب) ايران بالاسلحة الحديثة في منتصف الثمانينات من القرن الماضي بعد الانتصارات العراقية على الحدود وفي داخل الاراضي الايرانية نيابة عن واشنطن اثر فضيحة سياسية. وليس بعيداً عنا كذلك التحالف الايراني الارمني القديم المتجدد ضد اذريبجان المسلمة في جنوب القوقاز . وكذا تغاضي اسرائيل عن المشروع النووي الايراني ، في حين عالجت المشروع النووي العراقي بضربة عسكرية بداية ثمانينات القرن الماضي !
ليس من صالح ايران ولا اسرائيل ان تندلع حرب مباشرة شاملة في الشرق الاوسط. فما يجري من اشتباكات محدودة ومسيطر عليها تجري على الاراضي العربية وفي معظم الاحيان بضحايا عرب ! ولهذا فالتكاليف في معظمها تتحملها الشعوب العربية .
تصوير الأمر وكأنه لتحرير فلسطين دحضته المصادر الايرانية بالقول بانه ليس هدفاً ايرانياً على كل حال ؛ والتفسير العقائدي الساذج بان تحرير القدس قد يؤدي لانتهاء الجهاد يعطي فكرة واضحة ان استمرار الجهاد وليس تحرير المقدسات هو الهدف الايراني..!
وفكرة ديمومة الجهاد في المفهوم الثوري الايراني (والمنتج لفكرة المقاومة) هو لاستمرار تصدير الثورة الايرانية ، وهي ثورة ثبت ان هدفها البلدان المجاورة العربية وليس اسرائيل والاستكبار العالمي ، كما كان يتم تسويقه منذ اربعة عقود ونصف لشعوب المنطقة عندما انفجرت الثورة الايرانية عام 1979 م.
يبدو الامر كأن ما يحصل وسيحصل اقرب الى مسرحية سياسية داخل شروط الاشتباك المرتبة والتي ستؤدي لاحقاً لمزيد من التفاهم السياسي بين طهران وخصومها ( المفترضين ) على المستقبل.