فتحي بن لزرق
افتهان_المشهري_بلاد_تغتال_أبنائها
الخميس 18 سبتمبر 2025 الساعة 14:59

أنا واحد من الشخصيات التي آثرت البقاء داخل البلد عقب 2015، رغم الحجم الهائل والكبير للمخاطر.

لست الوحيد، فثمة قطاع يمني كبير قبض على هذه البلاد كأنه القابض على "الجمر".

ثمة أمل كان متقدًا بأن البلاد ربما ستصلح ذات يوم، وأن صلاح هذه البلاد لن يتم إلا من الداخل.

في عواصم شتى سافرتها خلال السنوات الماضية، كان السؤال الأكثر إلحاحًا من يمنيين قابلتهم: "ما الذي يبقيك وأسرتك في هذه البلاد؟ سيقتلونك!"

لمرات كثيرة تخيلت نفسي وأنا أتوسد حبات الرصيف السوداء، وخط طويل من الدم الأحمر القاني يرتسم في الأرض.

وفي حضرة سؤال كبير كهذا، تبدو الإجابة تائهة.. لو قلت "حب الوطن" لضحك كثيرون، ولو قلت إن اليمن بلد لا تشبهها بلدان العالم أجمع، لما فهمك غير اليمني ذاته، ولكنه يستصعب السؤال.

منذ اللحظة الأولى التي سقطت فيها الدولة في 2011، وليس في 2015، توالت الكثير من المشاهد المشابهة لواقعة اغتيال مديرة النظافة في تعز إفتهان المشهري!.

في هذه البلاد ثمة أسئلة تسقط على قارعة طريق الاحتجاج ولا تمضي.. من بينها: ما الذي يستفيده شخص ما بقتله لإنسانة مسالمة كهذه؟ ثم إن سؤالًا آخر يفرض نفسه: هذه البلاد التي لا يفهم فيها الإنسان لماذا قُتل، هل تستحق التعاطف أو محاولة زرع الأمل؟

هذه البلاد التي تغتال الناس بلا سبب ولا حجة ولا منطق ليست منا ولن تكون.

ذات يوم كنت في أحد الأرياف اليمنية، سمعت رجلاً مسنًا يخاطب امرأة بالقول: "أنا حذى!"..

تأملت جمال التذلل والتقدير..

هو حذاؤها.

ثمة تقدير يمني للمرأة لا يُضاهى.. في العرف اليمني المرأة لا تُقتل، لا تُهان، لا تُكسر.

لكن مانراه واقعاً من أفعال يقول ان ثمة شذوذ في الفكرة والتوجه والمنطق والفعل أيضًا.

هذه الأيادي الآثمة ليست منا ولن تكون.

هل نحب اليمن؟ نعم.

هل نحب لها السلامة؟ نعم.

ولكن هذه البلاد لن تمضي أبدًا وكل دماء الأبرياء تنسكب على جوانبها والخيّرون منا يلتزمون الصمت..!

الأشرار كثر، والدماء أكثر، والآهات تخنق العبرات.

هل حانت اللحظة التي يجب أن يحمل الإنسان فيها حقائبه راحلاً عن هذه البلاد؟

لا أدري..

أنا حزين لأجل اغتيال إنسانة مسالمة، حزين لأجل هذه البلاد.

اللعنة على من أوصلنا الى هذا الحال..؟

اللعنة على أمن تعز وجيشها ان لم يضبطوا القتلة..

 

اقرأ أيضاً