لقد وجدت في كتاب "المقدمة" لإبن خلدون كنزاً فكرياً ثميناً ، حيث استطاع الكاتب أن يرصد ويحلل أحوال المجتمعات بدقة وعمق ، ما يميز ابن خلدون هو خبرته الواسعة وملاحظته الدقيقة لطبائع البشر ومجتمعاتهم ، مما جعله قادراً على تقديم رؤى ثاقبة حول أسباب النهوض والسقوط ، ودور الثقافة في تشكيل مصائر الشعوب ، من خلال قراءتي المتكررة للمقدمة ، تأكد لي أهمية فهم العوامل الثقافية والإجتماعية في تحليل التاريخ والتنبؤ بمستقبل المجتمعات ،،
يقول ابن خلدون: إذا فسدت الأخلاق ، وقلّ الحياء ، وظهر الجهل ، وحكم اللصوص ، وكثر اللغط ، وقلّ العمل ، فانتظر خرابها ،
وتحدث ايضاً عن انهيار الدول والمجتمعات وكثرة الظواهر السلبية فيها ، حيث قال: عندما تنهار الدول يكثر المنجّمون ، والأفاقون ، والمتفقهون ، والإنتهازيون ، وتعم الإشاعة ، وتطول المناظرات ، وتقصر البصيرة ، ويتشوش الفكر ، انتهى ،
تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في بعض المجتمعات يمكن أن يُعزى إلى عوامل متعددة ، منها الاحتلال الأجنبي الذي يفرض ثقافته ويقمع الهوية المحلية، مما يؤدي إلى فقدان المروءة والغيرة لدى الأفراد ، هذا الفقدان يمكن أن يظهر في صورة فوضى وشتائم وسباب وعشوائية، حيث ينتشر الكلام الفارغ وتطول المناظرات العقيمة ،
هذه العبارة يمكن تطبيقها على المجتمعات التي تعاني من الفوضى والشتائم والسباب والعشوائية ، حيث يظهر فيها الانتهازيون ويكثر الكلام الفارغ وتطول المناظرات العقيمة ، يرى ابن خلدون في مثل هذه الحالات أن تدهور الأخلاق والقيم يؤدي إلى الفساد والخراب في المجتمعات ،
أعتقد أن ذلك ناجم عن مخرجات ثقافة مجتمع مر بمراحل إحتلال وإستعمار من قوى أجنبية افترست مبادئه وقمعت مروءته وحطمت غيرته ، بناءً على ذلك ، يصبح من الضروري البحث في جذور هذه المشكلات والعمل على بناء مجتمع قائم على قيم ومبادئ راسخة لاستعادة التوازن والاستقرار ،
ياسين سالم ✍️