محمود الهجري
في زحمة البحث عن واحة في فيافي اللاّ اكتراث، عن حقيقة في أكوام من الزيف .. كل يوم يتراكم الألم .. يطلع الصباح وتتهيأ لخوض معركة يومية متسلحاً بالإبتسامة في أماكن، وبالتجهم في أماكن أخرى، بعبارات الثناء الثقيلة، وحركات الإحترام المخادعة .. كمن يحرث في بحر يمضي اليوم مخلفاً ندوباً واكواماً من الفوضى، وأخاديد عميقة من الفراغات واللا جدوى.
ليست الحرب وحدها من تتقن المطاردة، وتشعل الهزائم في الطرقات والأرواح .. الحرب خراب ينتهي بإعادة إعمار.
أينما يممت ناظريك لن تعثر على بهجة تختلس اليك، وتنعش في اللاّ كلام فرحاً طفولياً كنت قد نسيته في بهو صباح عيدي .. هناك في القرية التي تفرح بأشياء صغيرة وتنسى التعب بسرعة.
على مقربة من البحر تفرح، وتبتهج بعيداً عن الأسباب التي حسبتها ملح النشوة ونبع الإطمئنان ونهر الإكتفاء.
كم لبثت مشرداً؟! .. حين كانت شهوراً كنت أنسى الأيام، والآن لم أعد أحتسب الشهور، ويبدو أن الحر والبرد في الطريق لأن يصبحا دليلاً على زمن يتحرك.
رائحة الحرب ماتزال في حواري وشوارع وسواحل عدن، لم تغادر بعد هذه المدينة التي ما ان تسترخي وتستأنس البخور وتغفو عند أقدام البحر، حتى يفاجئها قادمون من الجبال، مسكونون بالقلق والعطش والكآدة .. يأتون متأبطين الوعورة فيشعلون الضجيج والخراب.
بقايا البارود تفوح في الوجوه، بين أقدام المارة، وعلى الأرصفة وفي عيون نازحات الساحل، وأفواه أطفال فاغرة ومرتعشة تنتظر شفقة وتحكي
انفجارات، ومشاهد أقدام تخطفتها الغام زرعت في أماكن كانت فضاءهم وتفاصيل العابهم وأحلامهم .. ورغم البارود وجنون الحرب وفجائع الأطفال، والإنفجارات - فإن عدن تجيد التعافي وتعرف دروب الحياة.
الدكتورة اشراق السباعي وكيلة وزارة الصحة، وقبل ذلك الإنسانة الحقيقية التي تستمد إيمانها من نبل اهدافها الموجهة ناحية حق الإنسان في حياة لائقة، وجه مشرق من عدن، بها وأمثالها ستمضي صوب غد أجمل، وسيشرق ثغر اليمن الباسم بإبتسامة أكثر وضاءة وحسناً.